شهد قصر ثقافة روض الفرج بالقاهرة، الأحد، أولى جلسات مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة، في دورته الثالثة عشرة، والمقام برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، بعنوان “مستقبل تأهيل ذوي الإعاقة.. رؤية ثقافية”، في إطار أنشطة المبادرة الرئاسية “بداية جديدة لبناء الإنسان”.
أدار الجلسة البحثية د. سلامة منصور، الأستاذ بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة، وتضمنت ثلاثة محاور، جاء الأول بعنوان “دور الممارس العام في الخدمة الاجتماعية وتحقيق أهداف الدمج للأشخاص وذوي الإعاقة” قدمته إسراء عبد الرحيم، باحث دكتوراه بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة أسيوط، تناولت خلاله دور الممارس العام في الخدمة الاجتماعية وتحقيق أهداف الدمج للأشخاص ذوي الإعاقة، في مختلف المجالات الاجتماعية، الصحية، الاقتصادية، التعليمية، النفسية، الثقافية، وغيرها.
وأوضحت أن هناك الكثير من المعوقات تحول دون تحقيق أهداف الممارس العام، أبرزها تلك المتعلقة بالمؤسسات بنسبة “92.1٪”، بالإضافة إلى معوقات أسر المعاقين والمجتمع.
وأضافت “عبد الرحيم” إن النتائج أظهرت أن أن نسبة الذكور والإناث كانت متساوية في عينة الدراسة، وكانت الفئة العمرية الأكبر بين “35- أقل من 45 عامًا” كما أن أغلب الأخصائيين يحملون درجة البكالوريوس في مجال الخدمة الاجتماعية، ولكن لم يحصل معظمهم على تدريب كاف.
مشيرة في ختام حديثها، إلى ضرورة توفير دعم أكبر وتدريبات موجهة للممارسين، لتحسين جودة الدمج وتعزيز تكيف الأشخاص ذوي الإعاقة مع المجتمع.
وجاء المحور الثاني بعنوان “دور وسائل الإعلام في إشباع رغبات واحتياجات ذوي الإعاقة من البرامج الهادفة”، تناولت خلاله د. داليا الجنزوري، أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة المنصورة، على معرفة طبيعة استخدام ذوي الإعاقة لوسائل الإعلام المختلفة كالصحافة، الإذاعة، والتليفزيون، والإنترنت، ومدى إشباع تلك الوسائل لاحتياجاتهم.
وأشارت أن النتائج أظهرت أن التلفزيون هو الوسيلة الأكثر استخدامًا بين ذوي الإعاقة، خاصة القنوات الفضائية العربية، بينما كان استخدام الإنترنت الأقل بسبب نقص البرامج المناسبة، كما تركزت دوافعهم للتعرض لوسائل الإعلام على المعرفة، الترفيه، وجمع المعلومات، وجاءت الموضوعات المتعلقة بالإعاقة في مرتبة متأخرة.
وأوضحت ” الجنزوري” أن هذه الدراسة خلصت إلى أن وسائل الإعلام لا تزال بعيدة عن تلبية احتياجات ذوي الإعاقة بشكل كاف، وأنها بحاجة الى تطوير محتواها ليصبح أكثر شمولية وملائمة وذلك من خلال التركيز بشكل أكبر على قضايا الإعاقة وإنتاج محتوى برامجي متخصص يناسب تطلعاتهم.
أما المحور الثالث جاء بعنوان “المنظومة الوقائية للتعامل مع الإعاقة العقلية” ناقشته د. زكنية عبد القادر، أستاذ ورئيس قسم مجالات الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان، سابقا، وأوضحت خلاله أن الهدف من الدراسة تقديم رؤية شاملة حول الإعاقة العقلية، وتقديم منظومة وقائية متكاملة تجمع بين الجهود الصحية، الاجتماعية، والتربوية.
وأضافت “عبد القادر” أن استراتيجيات الوقاية من الإعاقة العقلية تتم من خلال ثلاثة مستويات كالتالي: الوقاية الأولية لمنع حدوث الإعاقة من خلال التوعية الصحية والبرامج الوقائية، والوقاية الثانوية، لاكتشاف الاعتلال العقلي في مراحله المبكرة وتقديم برامج تأهيلية، وأخيرا الوقاية من الدرجة الثالثة بهدف الحد من تفاقم الاعتلال وتحوله إلى إعاقة مستدامة.
واختتمت حديثها مشيرة إلى ضرورة بحث احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة العقلية، لتحديد أشكال الرعاية التي تناسبهم والتي تقدمها لهم المؤسسات الصحية، التعليمية، الإعلامية، وغيرها، هذا بالإضافة إلى توعية المجتمع ودعم الأسر والمؤسسات، لتحقيق تكامل في تقديم الرعاية اللازمة، وبالتالي تحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية والحد من تفاقم مشكلاتهم.
وتواصلت فعاليات المؤتمر مع البحثية الثانية أدارها د. محمد حسن غانم، تضمنت مناقشة ٣ محاور أيضا، جاء الأول بعنوان “التكنولوجيا المساعدة كمدخل لتحدي صعوبات التعلم” تناولت خلاله د. عصمت خورشيد، مدرس مساعد بقسم رياض الأطفال بكلية التربية جامعة طنطا، أهمية التكنولوجيا المساعدة في تطوير مهارات المتعلمين العاديين وذوي صعوبات التعلم، مع التعريف بالتحديات التي تواجه ذوي الإعاقات نتيجة نقص الوعي بالفرص الرقمية.
مؤكدة ضرورة دمج ذوي الاعاقة في المجتمع وتعزيز إمكانية ذوي صعوبات التعلم من خلال التنوع في أدوات التكنولوجيا المساعدة المستخدمة، كبرامج تحويل النص إلى صوت، وغيرها من الأدوات الخاصة بالكتابة والتفاعل، بما يتناسب مع احتياجاتهم التعليمية، الأمر الذي يعزز من الإندماج في البيئة التعليمية، وبالتالي الحد من التسرب الدراسي، وزيادة فرص نجاح المتعلمين.
وجاء المحور الثاني بعنوان “دور مدارس التربية الخاصة في تحقيق التأهيل الاجتماعي لطلابها ذوى الإعاقة وبناء ثقتهم بالمجتمع المحلي” وقدم خلاله د. وليد محمد عبد الحليم رئيس قسم بالتربية والتعليم بمديرية سوهاج، دراسة ميدانية علي عينة من خريجي مدارس التربية الخاصة، لتوضيح دور تلك المدارس في تحقيق التأهيل الاجتماعي.
وأشار أن هذه الدراسة توصلت أن من الطلاب ذوي الاعاقة يرون أن مدارس التربية الخاصة تلعب دورا إيجابيا في تأهيلهم اجتماعيا وتعزيز ثقتهم في المجتمع المحيط بهم، كما أن محل الإقامة يلعب دورا في التأثير على مدى نجاح التأهيل الاجتماعي، مؤكدا على ضرورة تعزيز البرامج التأهيلية وتطويرها لتحقيق المزيد من التكامل والثقة بين الطلاب والمجتمع، ومواجهة التحديات التي تعيق تحقيق هذا الهدف.
وجاء المحور الثالث والأخير، بعنوان “التمكين التكنولوجي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم” ناقشه د. مصطفى عبد الحليم، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، وتناول خلاله دور التكنولوجيا في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في المجالات المهنية، والتعليمية وحتى المهارات الحياتية.
وأضاف أن هناك عدد من المؤسسات الحكومية تعمل حاليا على تحسين فكرة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال مشروعات مبتكرة كالورش التدريبية التي تعزز فرصهم في سوق العمل، بجانب توفير التقنيات الحديثة التي تساعد في تعزيز مشاركتهم الفاعلة.
وأشار “عبد الحليم” إلى ضرورة التعاون بين الأسر والدولة لتمكين ذوي الإعاقة من الحصول على حقهم في التعليم والعمل وتحقيق الاستقلالية، تحسين حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، والأهم من ذلك تقديم الدعم النفسي والعاطفي، بأن يكون لدى الأسرة الاستعداد للتعامل مع المواقف الاجتماعية الصعبة أو المحبطة التي قد يواجهها الطفل ذي الإعاقة، ومنها الرفض أو التمييز من قبل الآخرين.
أعقب ذلك فتح باب المناقشة مع الحضور، تم خلالها التعريف بكيفية تعزيز كفاءة الأطفال ذوي الإعاقة للتفاعل مع المجتمع، وكيفية تهيئة الأسر للتعامل مع ذوي الهمم، وأخيرا توضيح أهمية التواصل الفعال وتقديم الدعم.
مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة في دورته الثالثة عشرة، تقيمه الإدارة العامة للتمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة، برئاسة د.هبة كمال، بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، وبالتعاون إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، برئاسة لاميس الشرنوبي، وفرع ثقافة القاهرة برئاسة د. ابتهال العسلي.
وتتواصل فعالياته صباح اليوم الاثنين مع الجلسة البحثية الثالثة، بمشاركة لفيف من الباحثين والأكاديميين، يعقبها مائدة مستديرة بعنوان “رؤى وتجارب”، وتختتم الفعاليات في الثالثة مساء بإعلان التوصيات.